مقال: من دلائل النُّبُوَّة .. خاتم النُّبوَّة           مقال: غزوة ذي قرد .. أسد الغابة           مقال: الرَّدُّ عَلَى شُبْهَاتِ تَعَدُّدِ زَوْجَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           مقال: حَيَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم           برنامج منارات مقدسية: منارات مقدسية - 273 - مقبرة باب الساهرة2           برنامج موعظة ورباط: موعظة ورباط - 11 - يد الله تعمل في الخفاء - د.عمر عبدالكافي           برنامج خواطر إيمانية: خواطر إيمانية-437-المسلم صاحب همة عالية-الشيخ صالح المعطان           برنامج تفسير القرآن الكريم 2024: تفسير مصطفى حسين - 392 - سورة المائدة 009 - 012           برنامج مع الحدث: مع الحدث - 46- حلقة خاصة في يوم الاسير الفلسطيني- محمود مطر -17 - 04 - 2024           برنامج اخترنا لكم من أرشيف الإذاعة: اخترنا لكم - بيت المقدس أرض الأنبياء - د. رائد فتحي         

الشيخ/

New Page 1

     الإعجاز في القرآن

New Page 1

مقدمة في إعجاز القرآن الكريم

28/03/2011 13:43:00

المعجزة فى اللغة : ما أُعجز به الخصم عند التحدي (القاموس المحيط) وهي أمر خارق للعادة يعجز البشر متفرقين ومجتمعين عن الإتيان بمثله يجعله الله على يد من يختاره لنبوته ، ليدل على صدقه وصحة خبره.
والقرآن الكريم كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم هو المعجزة العظمى الباقية على مرور الدهور والأزمان ، المعجز للأولين والآخرين إلى قيام الساعة .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( ما من الأنبياء نبي إلا أُعطي من الآيات على ما مثله آمن البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إليّ ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة)) (رواه البخاري : كتاب فضل آيات القرآن، ومسلم ، كتاب الإيمان).
وليس المراد في هذا الحديث حصر معجزاته صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم ، بل المراد أن القرآن الكريم هو المعجزة التي اختص بها دون غيره ، لأن كل نبي أعطي معجزة خاصة به ، تحدى بها من أُرسل إليهم ، وكانت معجزة كل نبي تقع مناسبة لحال قومه.
ولهذا لما كان السحر فاشياً في قوم فرعون ، جاءهم موسى عليه السلام بالعصا على صورة ما يصنع السحرة ، لكنها تلقف ما صنعوا، ولم يقع ذلك بعينه لغيره .
ولما كان الأطباء في غاية الظهور ، جاء عيسى عليه السلام بما حيّر الأطباء من إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص ، وكل ذلك من جنس عملهم ولكن لم تصل إليه قدرتهم.
ولما كانت العرب أرباب الفصاحة والبلاغة والخطابة ؛ جعل الله عز وجل معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل حكيم حميد) (فصلت:42) .
وتتميز معجزة القرآن الكريم عن سائر المعجزات ؛ لأنه حجة مستمرة باقية على مر العصور ، والبراهين التي كانت للأنبياء انقرض زمانها في حياتهم ولم يبق منها إلا الخبر عنها ، أما القرآن الكريم فلا يزال الحجة البالغة ، لذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة).
والقرآن الكريم آية بينة ، معجزة من وجوه متعددة من جهة اللفظ ، ومن جهة النظم والبلاغة في دلالة اللفظ على المعنى ، ومن جهة معانيه التي أمر بها ومعانيه التي أخبر بها عن الله تعالى وأسمائه وصفاته وملائكته ، وغير ذلك من الوجوه الكثيرة التي ذكر كل عالم ما فتح الله عليه به منها ، ومن وجوه الإعجاز في القرآن الكريم:
 
الإعجاز البياني والبلاغي:
من الإعجاز القرآني ما اشتمل عليه من البلاغة والبيان والتركيب المعجز ، الذي تحدى به الإنس والجن أن يأتوا بمثله فعجزوا عن ذلك قال تعالى : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ) (الإسراء:88).وقال تعالى : (أم يقولون تقوّله بل لا يؤمنون ، فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) (الطور:33-34).
فلم يستطيعوا الإتيان بمثله - وأنى لهم ذلك - ولم يكونوا من الصادقين :
وتحداهم أن يأتوا بعشر سوره مثله.. (أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سوره مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم (صادقين) (هود:13) .
 
وعجزوا أيضاً عن ذلك : فأفسح لهم في التحدي (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله ، وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين). ( البقرة:23-24).
وثبت التحدي في هذه الآية للعرب المعاصرين لنزول القرآن الكريم ولمن يأتي بعدهم إلى آخر الزمان
وأكد التحدي ، وقطع بعجزهم حيث قال : (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ، ولو كان (بعضهم لبعض ظهيراً) (الإسراء:88).
 
الإخبار عن الغيوب: مما يدل على أن القرآن الكريم معجزة من عند الله العلي القدير ، أنه اشتمل على أخبار كثير من الغيوب التي لا علم لأحد من المخلوقين بها ، ولا سبيل لبشر أن يعلمها.
والإخبار بالغيب أنواع:
النوع الأول : غيوب الماضي ، وتتمثل في قصص الأنبياء والسابقين وأقوامهم ، وما أخبر به الله عن ماضي الأزمان وبداية الخلق.
النوع الثاني : غيوب الحاضر : حيث أخبر الله عز وجل رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بغيوب حاضرة مثل كشف أسرار المنافقين ، والأخطاء التي وقع فيها بعض المسلمين ، أو غير ذلك مما لا يعلمه إلا الله وأطلع عليه رسوله صلى الله عليه وسلم.
النوع الثالث : غيوب المستقبل ، أخبر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأمور لم تقع ، ثم وقعت كما أخبر ، وعلى أمور سوف تحدث في الأزمان والقرون التالية والتي سوف تأتي بعد ذلك ، مما يجتهد العلماء في فهمه وتأويله.
الإعجاز التشريعي:
جاء القرآن الكريم لهداية الإنس والجن، على أن يتبعوه ويعملوا بتشريعاته ، التي تفي بحاجات جميع البشر في كل زمان ومكان، لأن الذي أنزله هو العليم بكل شيء ،خالق البشر ، الخبير بما يصلحهم وما يفسدهم ، وما ينفعهم وما يضرهم ، فإذا شرع أمراً جاء (في أعلى درجات الحكمة والخبرة ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير) (الملك:14).
ويزداد الوضوح عند التأمل في أحوال الأنظمة والقوانين البشرية التي يظهر عجزها عن معالجة المشكلات البشرية ومسايرة الأوضاع والأزمنة والأحوال ، مما يضطر أصحابها إلى الاستمرار في التعديل والزيادة والنقص ، فيلغونَ غداً ما وضعوه اليوم ، لأن الإنسان محل النقص والخطأ ، والجهل بأعماق النفس البشرية ، وبما يحدث في أوضاع الإنسان وأحواله المختلفة ، وبما يصلح البشرية في كل عصر ، فهذا هو الدليل الحي الشاهد على عجز جميع البشر عن الإتيان بأنظمة تصلح الخلق وتقوم أخلاقهم ، وعلى أن القرآن الكريم كفيل برعاية مصالح العباد دون خلل . وهدايتهم إلى كل ما يصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة إذا تمسكوا به واهتدوا بهديه، قال تعالى :   (إن هذا القرآن يهدي للتي هو أقوم ويبشر ا لمؤمنين الذي يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً) (الإسراء:9).
 
وإجمالاً فإن الشريعة الإسلامية الغراء التي جاء بها كتاب الله تعالى مدارها على ثلاث مصالح:
المصلحة الأولى: درء المفاسد عن ستة أشياء : حفظ الدين ، والنفس والعقل والبدن والعرض والمال.
المصلحة الثانية: جلب المصالح في جميع الميادين وسد كل ذريعة تؤدي إلى الضرر.
المصلحة الثالثة: الجري على مكارم الأخلاق ومحاسن العادات ، ولم يترك القرآن الكريم جانباً من الجوانب التي يحتاجها البشر في الدنيا والآخرة إلا ووضع لها القواعد وهدى إليها بأقوم الطرق وأعدلها ، وإذا دققنا النظر وأمعنا الفكر لوجدنا أن به الحلول لجميع المشاكل العالمية التي عجز البشر عن إيجاد الحلول الحاسمة لها.
 
الإعجاز العلمي الحديث:
ويتصل بما ذكر من إعجاز القرآن الكريم في إخباره عن الأمور الغيبية المستقبلية ، نوع جديد كشف عنه العلم في العصر الحديث ، مصداقاً لقوله تعالى : (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق ، أو لم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد) (فصلت:53).
وقد تحقق هذا الوعد في الأزمنة الأخيرة ، فرأى الناس آيات الله في الآفاق ، وفي جسم الإنسان وأجسام باقي المخلوقات وأجهزته الحيوية ، بأدق الأجهزة وأحدث الوسائل ، التي لم يتم اختراعها إلا في العصر الحديث.
 
المراجع
- كتاب "الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى " ، سعيد بن علي القحطاني
- "مناهل العرفان في علوم القرآن" ، للزرقاني
- "كتاب الإيمان" ، عبد المجيد الزنداني
- "أضواء البيان" ، للشنقيطي
المصدر: موقع إعجاز القرآن الكريم



جميع الحقوق محفوظة لإذاعة القرآن الكريم 2011
تطوير: ماسترويب